يحتفل لبنان اليوم بعيد الاستقلال، فعمت المدارس والجامعات الروح الوطنية ورفرفت الاعلام والبيارق، وطبعا وحسب العادة اطل رئيس الجمهورية العتيد خلال امسية العيد ليهنئ الشعب بعيده، فقد اعتدنا على هذه البروتوكولات التي اتت ناقصة هذا العام منذ خروج اخر جندي فرنسي واعلان وثيقة الاستقلال من قبل رجالات لبنان الذين فعلا يستحقون التسمية، فلا التاريخ سيعيدهم الينا ولا توريث ابنائهم مهنة السياسة افلح بالحفاظ على الوديعة الغالية.
هل الاستقلال فقط بعدم وجود جيش معتد على ارض الوطن؟ لبنان اليوم وللمرة الاولى منذ عقود لا يوجد جيش معتد على اراضيه، فالجنوب تحرر من قيود الجيش الاسرائيلي بفعل ارادة المقاومة الوطنية، التي بدورها حررت الشمال والبقاع من الوصاية السورية الاجبارية، لكن هل يوجد قرار لبناني؟ هل يوجد من بين سياسيي اليوم من يستطيع او يتجرا بقرار من تلقاء نفسه؟ بالطبع لا وخير دليل هو الازمة الرئاسية التي تبشر بمستقبل اسود للبنان، فحتى لو انحلت هذه العقدة فمن الذي سيحل عقدة الحكومة المقبلة وعدد الوزراء وتوزيعهم الطائفي البغيض؟
صيف عام 1982 اعتقدناه اشد ايام لبنان سوادا بسبب الاجتياح الاسرائيلي، وعلى رغم احتلال معظم الاراضي اللبنانية لكن القرار كان موجودا فتم انتخاب رئيس وانتخب الاخر بعد استشهاد الاول.
لبنان اليوم دون استقلال وكان من الاجدى ان يلغى العيد هذا العام حفاظا على قدسية العيد، كان الاجدى بسيد القصر في بعبدا ان يختتم ولايته التسعاوية ببيان مقتضب عن الغاء العيد لا ان يهنئ اللبنانيين به، اما زعماء الحرب وعقارب السياسة فحدث ولا حرج كل يغني على ليلاه ويريد الجالس على الكرسي على هواه.
خلال الحرب الاهلية تحكمت بلبنان افكار عدة لكن الجميع انقسم الى معسكرين اساسيين تبعا لقطبي العالم اي الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة، فكان الحلول تاتي وتتعقد الامور وفي النهاية يتم الاتفاق على انهاء الازمات عند وصولها الى الحائط المسدود، لكن اليوم فالتحالفات العجيبة الغريبة في لبنان لا تصدق والتبعية الى الخارج بدورها متشبعة، فهذا الذي كان يتبع القرار الروسي انتقل الى الجهة الاميركية، وذاك التابع للاميركي ارتمى باحضان الدب الروسي، وثالث من الدعم الاسرائيلي الى شارع الشانزليزه، ورابع وجه لفته الى الجمهورية الاسلامية، وخامس استوطن خلف الحدود البقاعية، وهلم جرى ...
اهو زمن نعي الجمهورية ؟ والعودة الى الاقطاعية وزمن المتصرفية؟ ربما هذا الحل سيكون الافضل للجميع بل ان اعلان هذا الامر سيكون افضل لانها فعلا موجودة ومطبقة في الخفاء ولا ينقصها الا الاعلان عنها.
وورقة لبنان الوحيدة الرابحة اليوم للخروج من المستنقع هو الجيش اللبناني وجنوده البواسل الذين حافظوا على استقلالية قرارهم ولم تتوغل بينهم السموم الطائفية، ان وصول قائد الجيش الى سدة السلطة سيكون الحل الانسب والويل للمعارض لان لبنان يتجه الى الهاوية...
Thursday, November 22, 2007 07:45 GMT