مدونة تحتوي على بعض من المقالات المنشورة في الصحف الورقية والالكترونيةالعربية

الأحد، أغسطس 02، 2009

للحديث تتمة...الحقيقة



طالما كانت الحقيقة الشغل الشاغل لبني البشر منذ بدء الخليقة لليوم، فمنذ الفجر الاول انبرى الانسان مكتشفا اسرار الكون وبالتالي تحول من المكتشف الى الصحافي الاول ناشرا الحقيقة والحقائق التي يكتشفها الى من حوله حتى لو بالطرق البدائية والاشارات والرسومات التي غطت جدران الكهوف والاحجار।


ومع مرور القرون والعقود تطورت الفكرة فاصبح لكل مجتمع كاتب او ساحر يمتلك الحقيقة في فكره ويخاف نشرها – او على الاقل ينشر ما يطيب له ويتماشى مع مصالحه الشخصية – وظهرت الاساليب الاولى للكتابة من احرف تصويرية ومسنارية وغيرها ودفنت في الاعماق الى ان اكتشفناها في عصورنا الحديثة، لكن بعد جهد جهيد، اليس هؤلاء اول المدونين؟، واول الصحافيين؟، دعونا لا نبخس من قدر المدونين الاوائل الذين اوصلونا الى التدوين الالكتروني، او بمعنى اصح اوصولونا الى الصحافة بمفهومها المتعارف عليه حاليا، فلولا جراة هؤلاء لكنا الان من دون احد اخطر الاسلحة الموجودة بين ايدينا الا وهي الصحافة।


وبالعودة الى الحقيقة، وهي الشغل الشاغل كما اسلفت سابقا، فقد ظلت بعض الاسئلة تبحث عن الحقيقة رغم مرور السنون الكثيرة عليها، مثلا الا نزال نتسائل عن اسرار حياة الاسكندر، وكيف مات هتلر واولاد قيصر روسيا، ومن قتل الحريري وابو عمار، وغيرهم وغيرهم....

السنا جميعا نسعى للحقيقة؟ تلك المعلومة التي تؤرقنا في ليالينا وايامنا؟ السنا جميعا صحافيين وراكضين وراء الخبر، الذي يشغل اقلامنا واوراقنا، السنا جميعا ابناء رعية صاحبة الجلالة الصحافة، السنا – اي نحن بني البشر – من بنى هذا الصرح المعلوماتي العظيم من حيث لا ندري؟ السنا نحن من كتب الحروف الاولى للحقيقة التي تعشقها العامة؟ فلنبقى على قدر المسؤلي، ولنواصل المهمة، فاذا لم تعط ثمارها في عصرنا الحاضر فسياتي الحصاد بعد حين، اي بعد وقت عندما ياتي من بعدنا باحثا عن الحقيقة واظن الحقيقة ستكون مطواعة ومتوافرة بين يديه ...وللحديث تتمة .

الصحافة الالكترونية "تزيح" الورقية عن عرش الصحافة


فادي عاكوم: يحتدم الصراع هذه الايام بين الناشرين الجدد والناشرين القدامى، او بمعنى اصح بين ناشري الصحف الالكترونية وناشري الصحف الوقية، ويبدو كل طرف منحاز تماما الى الجهة التي ينتمي اليها، ويروج كل منهما الى افكاره ومبرراته التي يطلقها لاقناع الغير بصوابية افكاره.

فرغم التصدعات الكبيرة التي اصابت وتصيب الصحافة الورقية بفعل انتشار الشبكة العنكبوتية من جهة، والازمة المالية العالمية وتبعاتها من جهة اخرى يبدو ان العديد من الصحافيين يرفضون الابتعاد عن ملمس الورق ورائحة الحبر، او بمعنى اخر لا ثقة لهم مطلقا بالصحف والمواقع الالكترونية.

فالتطور الكبير الذي تشهده الانترنت حاليا جعل من نشر المعلومات على مختلف انواعها مسالة في غاية السهولة والسرعة على عكس الورقيات التي تلتزم بساعات محددة ونطاق جغرافي معين، كما ان التكاليف الزهيدة نسبيا لانشاء صحيفة الكترونية جعلها محط انظار الجيل الجديد والملاذ الذي لا بد منه للجيل القديم.

ويلعب لاعب التفاعل مع القراء دورا هاما في انتشار الصحافة الالكترونية اذ يقوم بدور المحفز للكاتب او المحرر حيث اصبحت اعداد التعليقات على الاخبار والتحليلات معيارا هاما لانتشار هذا الموقع اوذاك.

و لا بد من الاشارة الى ان الكثير من الصحف – الاميركية على وجه الخصوص – انتقلت من الورقية الى الالكترونية في ظل الازمة المالية التي تعصف بكل القطاعات المالية العالمية حتى ان ادارة الرئيس اوباما شكلت لجنة لدراسة وتجهيز ومساعدة الصحف المتعثرة للانتقال الى الشبكة العنكبوتية واطلاق خدمة الاخبار المدفوعة للخروج من الازمة .

وقد تفرعت الوسائل الاعلامية الالكترونية الى فروع عديدة فاصبح بامكان القارئ الحصول على المعلومة ليس فقط من المواقع الاخبارية الاساسية بل حتى من المواقع الشخية والبلوغات والفايس بوك وغيرها من المتاح في الفضاء الالكتروني الواسع.

لكن القضية الاهم هي ثقة المعلن بالصحف العنكبوتية، ففي اوروبا والولايات المتحدة اصبح الاعلان الالكتروني احد اهم وسائل الانتشار بالنسبة الى اي منتج واصبح بندا اساسيا في ميزانية الشركات، وفي المنطقة العربية وللاسف مازالت هذه القضية في طور التطور ولا ثقة للمعلن بالاعلان الالكتروني مما يؤثر سلبا على نوعية وحجم وقوة الصحف والمواقع الالكترونية المستقلة، اذ ان المواقع العربية الهامة تحصل على دعم مالي – سياسي او تكون تابعة للورقية الام.

ونتيجة لكل ما سبق فان الورقيات تتجه الى الاندثار اوروبيا واميركيا وستهيمن الشبكة العنكبوتية على وسائل الاعلام، اما عربيا فسنحتاج لوقت اطول لنصل الى هذه المرحلة .

مبارزة بين العمير وعطوان

إشتبك عثمان العمير، ناشر "ايلاف" ورئيس تحريرها، في جدل مع عبد الباري عطوان، رئيس تحرير "القدس العربي"، حول مستقبل الصحافة الورقية. جرى الاشتباك حسب ما اوردت صحيفة ايلاف اللندنية في احتفالية خاصة بمناسبة إتمام اليومية اللندنية عامها العشرين. ففي البدء، حرص عطوان على القول في كلمة قصيرة إن دعوته لعثمان العمير، بكر عويضه، وعبد الوهاب بدرخان، لحضور احتفالية خاصة وذات صبغة عائلية تقتصر على أسرة الجريدة هي "دعوة نابعة من خصوصية صداقة وزمالة مهنية تسبق صدور "القدس العربي" بسنوات عدة، لكن هذه الخصوصية لم تحل دون اختلاف في الرأي، خصوصًا حين تعلّق الأمر بقضايا وأحداث سياسية" بيد أن عطوان في تقديمه للعمير، حرص ايضًا على تأكيد ان "الاختلاف في الجانب السياسي لم يمنع وجود توافق مهني في جوانب عدة، إلا الجانب المتعلق بالصحافة الالكترونية ومستقبل الورقية".

فقد افتتح ناشر "ايلاف" ورئيس تحريرها حديثه بتساؤل بدا صادمًا للحضور: "لماذا أنا هنا؟ انني اختلف معكم في كل شيء"، ثم سارع العمير الى التخفيف من وقع الصدمة: "لكنني هنا للتأكيد على امكانية اللقاء مع الآخر، وامكانية التأسيس للحوار الحضاري بين المختلفين في الموقف السياسي". واصل العمير، ومن دون ان يخلو حديثه من الصدمات: " بلوغ الصحيفة عشرين عامًا، مناسبة تستحق التهنئة، مبروك لكم جميعًا، لكن اصارحكم انني أفرح أكثر لرؤية ندى عطوان ـ ابنة عبد الباري ـ تحتفل بربيعها العشرين، لست اخفي انني لم أعد معنيا بالجريدة الورقية، اي ورقية، بل انني أفرح لموت أي مطبوعة ورقية، الصحافة الورقية الى زوال. الحاضر والمستقبل هو صحافة الفضاء الالكتروني".

وختم عثمان بشكر عبد الباري على الدعوة، وتقدم عطوان لتقديم بكر عويضه، فتحدث عن اللقاء الأول بينهما في طرابلس، ليبيا، ثم بدايات مشوار الاغتراب اللندني، ثم انتقل عطوان للرد على العمير: "لا أفهم سر هذا الموقف العدائي الحاد تجاه الصحافة الورقية من صحافي عريق بحجم عثمان العمير، اعطته الصحافة الورقية كل النجاح الذي حققه عن جدارة بين صفحاتها، من "الجزيرة" في الرياض، الى "اليوم" في الدمام، الى "المجلة" و"الشرق الأوسط" في لندن، على العموم، صحيح ان الصحافة الالكترونية انطلقت، وأن "ايلاف" عثمان العمير بلا شك حققت حضورا رائدا، لكن الصحافة الورقية باقية ونحن من المتشبثين بها".

بيد ان العودة الى الماضي فرضت نفسها ايضا، اضاف بكر عويضه: " معروف مهنياً، ان شخصية رئيس التحرير النشط والفعال تنعكس على مضمون صحيفته واخراجها. وفي هذا السياق، عبد الباري عطوان ليس استثناءً. أتذكر تصفحنا جرائد لندن معا، وخصوصا أعداد الأحد الاسبوعية. تجربة "القدس العربي" اتاحت لعبد الباري ان يمتلك الحرية في تحقيق تصوراته المهنية، وفي رأيي انه عبر هذه التجربة، مثلا، كان من اوائل من اعطوا الصورة مساحة متميزة في الجريدة اليومية ذات الحجم العادي، الثمانية أعمدة، بالاضافة الى التميز بعناوين لافتة في الصفحة الاولى، وتحقيق صحافي ميداني".

من جهته، أدلى عبد الوهاب بدرخان ايضا بدلوه في جدل الالكترونية والورقية، معتبرا "اننا في مرحلة مفصلية من هذا السباق بين صحافة الورق والالكترون"، لكن بدرخان لم يتردد في الانحياز الى جانب الورقية "عندما يتعلق الأمر بمقال الرأي أعتقد ان المقال المنشور في الجريدة الورقية لا يزال أكثر تأثيرا اذا سبق نشره في صحيفة مطبوعة ظهوره على الانترنت". وغير بعيد عن سياق الجدل نفسه، كان بدرخان استهل كلمته بمداعبة: "احتار الصديق عبد الباري كيف يقدمني، ربما لم يشأ القول انني رئيس تحرير صحيفة لم تصدر" ـ جريدة "الجزيرة" القطريةـ مضيفا: "يقول بعض الزملاء مازحا اننا يجب ان نحتفل بالذكرى الثالثة لعدم صدورها"، أما عن المناسبة، فقد حرص بدرخان على تثمين ما حققته اسرة "القدس العربي"، موجها التهنئة للجميع.

الصحافة المطبوعة إلى زوال

أكد الكاتب والخبير المتخصص بشؤون التقنية في شبكة السي ان ان، كريس بيريلو، أن الصحافة المطبوعة تكاد تعيش أيامها الأخيرة، تاركة المستقبل للإعلام المكتوب على شاشات الانترنت، وبالنسبة لبيريلو، فإن الصحافة المطبوعة باتت تعتمد على تقنيات تجاوزها الزمن، وّشبه ثورة الانترنت الحالية، بما حصل في مطلع القرن العشرين، عندما صنعت شركة فورد، أول نماذج للسيارات التي غيرت وجه العالم للأبد.

وتأكيدا على هذه الفكرة، بين بيريلو، في مقال نشره الأسبوع الماضي، أن الصحف المطبوعة باتت عبئا على الناس والقراء، علاوة على الإنزعاج الناجم عن الحبر الذي تخلفه على أيديهم، وبالمقابل فإن الإعلام الالكتروني يجنب مستخدميه كل هذه المعضلات والمشاكل.

وأنكر الكاتب أن تكون مثل هذه النظرة نخبوية، فأشار إلى أن استخدام الانترنت للحصول على الأخبار هو أمر أيسر بما لا يقاس من الجرائد، خصوصا وأن بإمكانه أن يرسل الأنباء التي يراها مهمة لأصدقائه، دون استخدام المقص والرسائل، كما هو الحال مع الجرائد المطبوعة.

ومن جهة سرعة الوصول إلى الأخبار، أوضح بيريلو أنه يمكن عن طريق الانترنت أن يستقبل الشخص أحدث الأنباء فورا، ويمكنه مشاهدة المؤتمرات والأحداث بشكل مباشر، وهو من سابع المستحيلات في الدوريات المطبوعة.

وردا على منتقدي نشر الأنباء على الانترنت التي لا يمكن حملها من مكان لآخر، قال بيريلو إن هذه الحجة واهية، فبعد اختراع أجهزة "IPhone"، والتي تمكن المستخدم من الحصول على الأنباء الالكترونية أولا بأول، بات هذا الزعم نافلا، وبزعم بيريلو، فإن التقنيات الحديثة على الانترنت تتيح المجال أمام قارئي الدعايات أن يعثروا على تفاصيل أوفى حول المنتجات التي يبتغونها، وتحديدا في معرفة مواقع وتفاصيل العقارات التي يبحثون عنها بسرعة، وحول استمرار المجلات، رأى بيريلو أنها ستستمر لفترة، نظرا لأنه ما يزال لها قراؤها، ولكنه لم يبد تفاؤلا حول استمرار هذا الرواج.

تحدي التوازن بين السرعة والدقة

في الأسبوع الماضي، نشرت - بسرعة - على الموقع الإلكتروني لصحيفة «نيويورك تايمز» مقالا أظهر خوفا يسري داخل الغرف الإخبارية من أن الشبكة العنكبوتية، بتركيزها على المنافسة في سرعة النقل، قد تقوض من قيم الصحافة المطبوعة، التي تركز كثيرا على الدقة والأسلوب والمضمون. وتضمن المقال هجوما سياسيا مجهول المصدر على كارولين كيندى وبث مزاعم مبهمة، تبين أن فيها قدرا كبيرا من المبالغة، عن مشاكل ضريبية وأسرية تواجهها كيندي.

وظن المسؤولون عن موقع الصحيفة على شبكة الانترنت، التي تعد الأكثر قراءة على الشبكة العنكبوتية في الولايات المتحدة، أنني أخيّر ما بين السرعة أو الجودة. وقال جوناثان لاندمان، نائب مدير التحرير المسؤول عن تعاملات الموقع وحسب ما اورده كلارك هويت من خدمة نيويورك تايمز:"تحدث أشياء غير مرضية عندما يكون الوقت مضغوطا". وقال إن عجز صحيفة "نيويورك تايمز" عن التعامل مع وجهة نظر إدارة بوش في الحرب على العراق بصورة نقدية أكبر، وتغطيتها حول وين هولي، الذي كان متهما بالتجسس قبل أن تتداعى القضية، لم يكن السبب فيه قرارات مفاجئة تتحكم فيها شبكة الانترنت. وكتب لاندمان في بيان نشرته "بابك إديتورز جورنال" "بالطبع يزيد العمل سريعا من احتمال الخطأ، وهذا بالتأكيد خطر يجب الاعتراف به والتعامل معه بحرص. ولكن، تلافي الخطأ ليس هو القيمة الوحيدة، وإذا كان الوضع كذلك، لقمنا - منذ وقت طويل - بهجر الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات، وتحولنا إلى جرائد الأكاديميين التي يتم البت فيها. السرعة أيضا لها قيمتها، فالسرعة تعني وصول المعلومة إلى المواطنين في الوقت الذي يريدونه وعندما يحتاجون إليها".

وقال لاندمان دائما ما كانت الكفاءة الصحافية تجمع بين السرعة والشمول والكشف عن الجديد والنقل عن المصادر وال"جدية والمرح، والكثير من الأشياء الأخرى التي يمكن أن تتعارض مع بعضها في بعض الأحيان. والقضية هي تحقيق التوازن الصحيح بين هذه الأمور".

تلك هي القضية. والسيد لاندمان على صواب، كما قال لي بعد ذلك، إن الانترنت يعرض "نوعا جديدا من فن التصوير به مزايا وعيوب". ويتضمن ذلك السرعة، ولكن مع ضعف التحرير؛ والقدرة على كتابة قصة في وقت قصير، ولكن مع الحاجة - في الوقت نفسه - إلى المزيد من المعلومات؛ ومنافسة شديدة، ولكن مع ضياع الوقت في السعي وراء انفرادات زائفة تنشرها مصادر لا يمكن الاعتماد عليها كثيرا؛ والقدرة على تصحيح الأخطاء سريعا ولكن بعد انتشارها في مختلف أنحاء العالم.

وقال لي أدام ناجورني، المراسل السياسي الرئيسي لصحيفة نيويورك تايمز، كيف كان الوضع في تغطية الحملة الرئاسية لمؤسسة إخبارية تعمل على مدار الساعة. قال إنه ظن أن الصحيفة قد تمكنت من تحقيق التوازن المطلوب بين السرعة والدقة والنزاهة، ولكنه أضاف أن المنافسة الشديدة - القصص غير الصحيحة على مواقع منافسة - كانت تتسبب في مطاردات تستهلك الوقت ولا تثمر في النهاية، وكان ذلك عائقا في بعض الأحيان أمام عمل تقرير أفضل وأكثر ثراء. وإذا كانت قصة كيندي مثالا قويا على الخطأ الذي يمكن أن يقع، فقد كانت تغطية صحيفة «نيويورك تايمز» للهبوط الاضطراري لرحلة "آير وايز" الجوية الأميركية رقم 1549 في نهر هودسون، قبل ذلك بستة أيام، مثالا مشرقا للوضع الصحيح الذي يمكن أن يتحقق. كان هناك اثنان من المحررين جالسان بجانب بعضهما البعض، ووصلهما في الوقت نفسه تقريبا خبر أن طائرة سقطت في نهر. وصل إلى المحرر إيان ترونتز، من مكالمة تليفونية من آل باكر، وهو مراسل الصحيفة في مقر الشرطة، وإلى المحرر باتريك لافوراج من رسالة نشرت على موقع تويتر. وخلال لحظات كان هناك خبر عن ذلك على الموقع الإلكتروني للصحيفة. بدأ ترونتز في إرسال الصحافيين والمساعدين. وقال "ما نقوم به عبارة عن إطناب لا قيمة له". وفي النهاية، كان هناك أكثر من 20 صحافيا ومصورا تابعين لصحيفة نيويورك تايمز في موقع الحدث، وأعداد أكبر في مستشفيات المنطقة؛ وفي تشارلوت، المكان الذي كانت تقصده الطائرة؛ وفي بيت الطيار في كاليفورنيا. كان هناك بعض الارتباك في بادئ الأمر. كان قد قيل إلى باكر إنها كانت طائرة بمحركين، في إشارة إلى أنها طائرة صغيرة. وسرعان ما قضى التلفزيون على هذه الفكرة. وكانت هناك شائعة بأنها كذلك كانت فيلما أو لقطة تلفزيونية، كما كان الحال من قبل مع حريق حافلة مدرسية في هارلم. ولكن، يقول ترونتز، "سريعا، قدرنا أن هذا كان حادثا حقيقيا".

صراع صحافة أم صراع أجيال؟!

بعد أكثر من 146 عاماً من الصدور الأسبوعي ودّعت أخيراً الصحيفة الأمريكية الشهيرة سياتل بوست انتلجنسر الورق بلا رجعة متجهة إلى العالم الرقمي, ومقتدية في توجهها الجديد بصحيفة أمريكية أخرى هي كريستيان ساينس مونيتور التي كانت إلى قبل اكتفائها بموقعها الإلكتروني توزع أكثر من 500 ألف نسخة كل صباح بحسب ما ذكرته مصادر إعلامية معروفة, وفي صحافتنا العربية توقفت أخيرا إحدى أهم المجلات العريقة (المجلة) عن عناق الورق الأسبوعي متجهة إلى عناق شاشات الحواسيب.

في الوقت نفسه تتزايد جماهيرية الصحافة الإلكترونية في مختلف أنحاء العالم سواء كانت تلك الصحافة الإلكترونية المنبثقة عن الصحف الورقية, أو الصحافة الإلكترونية المستقلة التي لم تتعرف على الورق منذ نشأتها, وهي كما يعلم كثير من المهتمين تُعد الأكثر جذباً للقارئ اليوم نظراً لنوعية أطروحاتها المثيرة في الغالب بجانب سرعتها في نقل المعلومة رغم افتقارها إلى التوثيق في أحيان كثيرة, وهذا ما يثير التساؤل حول إن كانت الصحافة الورقية بمجملها تتجه إلى الانزواء في ظل هذه الثورة الرقمية التي تجتاح العالم, أم أنها قادرة على الاستمرار والمنافسة؟

ولذلك وحسب هاني الظاهري فإنه يجدر بنا أمام هذه المعطيات أن نتساءل عن حقيقة الصراع بين صحافة الورق والصحافة الإلكترونية, وعن إن كان صراعاً تقنياً بحتاً أم أن هناك صراع أجيال يختبئ خلفه, فبحسب إحصاءات أمريكية منشورة يبلغ متوسط أعمار قراء الصحف الورقية 55 عاماً بينما يفضل غالبية من تتراوح أعمارهم بين 19 و 34 عاماً الصحف الإلكترونية, وهذا أمر يكشف عن أن الصحف الإلكترونية تمثل (ثقافة جيل) قبل كل شيء.. وأنا أورد هذه الاحصاءات من باب العلم لا أكثر لأنني شخصياً مقتنع تماماً بجماهيرية وتفوق الصحافة الإلكترونية على المستوى العالمي, رغم أنها مازالت متعثرة في بعض مناطق العالم العربي, لضعف انتشار الثقافة الرقمية لا أكثر, وهذا ما يعطي الصحافة الورقية فرصة زمنية جيدة لمواجهة المنافسة وفق ثقافة العصر والعمل على خطين متوازيين بحيث تنافس الصحافة الإلكترونية عن طريق مواقعها الإنترنتية, وتستمر في تميزها الورقي الذي مازال المصدر الأهم للعائد الإعلاني.

بالأمس تجولت في موقع إليكسا الإلكتروني وهو كما يعلم كثير من القراء موقع يقدم إحصاءات دقيقة عن كثافة وعدد زوار المواقع الإلكترونية على الشبكة, ولم أستغرب أبداً حينما وجدت أن أهم موقع اخباري يحظى بإقبال المتصفح السعودي ليس سوى صحيفة إلكترونية, بينما تأتي بعده بمسافة بعض المواقع الإلكترونية الخاصة بالصحف الورقية, ويمكنكم تخمين الأسباب الآن.

للحديث تتمة...نرجس وروكسانا



يبدو ان حظ السلطات الايرانية مع الجنس اللطيف السياسي ممتاز جدا، فما كادت قضية الصحافية الايرانية – الاميركية – اليابانية روكسانا صبري تطوى حتى برزت قضية الناشطة نرجس ..... مع منعها من السفر مع ...... واحتمال تحويل القضية الى المحكمة الثورية للنظر بها واصدار الحكم المناسب اذا ما دعت الحاجة।


لكن اللافت ان قضية روكسانا اتت في خضم المناوشات السياسية الاميركية – الايرانية بعد تولي الرئيس الاميركي باراك اوباما سدة الحكم، بل تعتبر هذه القضية اول احتكاك مباشر بين الادارة الاميركية الجديدة والادارة الايرانية القديمة – والتي سيجدد لها قريبا -، فقد اصرت طهران على الحكم واتت التصريحات الرئاسية بان الامر متروك للقضاء برمته، وليس خفيا ان حكم الاستئناف كان سياسيا بامتياز بل هدف سجلته طهران في مرمى واشنطن كبادرة حسن نية او على الاقل رسالة فحواها الاستعداد لفتح الباب ولو جزئيا لاي مفاوضات سياسية مباشرة محتملة ।


وقضية نرجس تاتي اليوم بعد تواتر الاخبار من خلال وكالات الانباء العالمية عن وجود مراكز تدريب لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المعاضة على الاراضي العراقية باشراف اميركي، ومسارعة الادارة الاميركية للنفي نفيا قاطعا بالاضافة الى النفي من قبل السلطات العراقية، فمن البديهي ان طهران وان ارادت الدخول الى غرف المفاوضات المغلقة مع العدو التقليدي، اول ما ستطالب به هو اغلاق ملفات الجماعات المعارضة التي تسبب جزئيا صداعا ولها بعض التاثير على الداخل الايراني الذي يعرف بالتعددية القومية وقابليته لمبدا الثورة كثورة والتقد والمعارضة، ومن ضمن هذه الجماعات طبعا واهمها منظمة مجاهدي خلق والتي تعتبر اكبر المجموعات المعارضة للنظام।


فتح الكتاب السياسي الايراني – الاميركي وانتهى الفصل الاول المتعلق بروكسانا وفتح الثاني الذي يتناول قضية نرجس، ويبدو ان الامور تسير نحو التهدئة السياسية بل وسنشهد في الفترة المقبلة العديد من الدلالات على رغم التعنت الاسرائيلي الداعي الى عسكرة النزاع مع ايران، فالادارة الاميركية الجديدة لديها ما يكفيها من الملفات المفتوحة حاليا ولن يتم فتح اي ملف في الفترة الحالية، او على الاقل خلال الاربع سنوات المقبلة... وللحديث تتمة

جان مولان: اساطير من رحيق المذكرات

دانيال كوردييه...كلاكيت رابع مرة

جان مولان: اساطير من رحيق المذكرات

اعداد وتقديم : فادي عاكوم

تعتبر الكتابات التي تتناول قصص المقاومة الشعبية وسير المقاومين من الاكثر انتشارا بين قريناتها اذ تلامس الشعور والحس الوطني الكامن لدى المتلقي، واكثر هذه الكتابات نجاحا تلك كتبها مقاومون بسبب دقة التفاصيل والوصف والتجرد والصدق في نقل الاحداث المترافقة مع الشعور والاحساس الصادق، اما ان يكتب مقاوم عن مقاوم اخر فتعتبر قمة كتابية اذ تبتعد نوعا ما عن المغالات الشخصية وتاليه الذات وتاتي من خلال مشاهدات حية صادقة وعاطفية وناقدة في آن واحد.

حين يتم الكلام عن الكتابات التي تناولت الثورة الفرنسية التي قامت ضد الاحتلال النازي فاننا نلاحظ كثافة نوعية وشبه تمجيد وتاليه لابطال هذه الثورة ممزوجة ليس فقط بالحس الوطني الفرنسي بل تتعدى الحدود الجغرافية لتشمل القارة الاوروبية اجمع حتى انها تتعداها لما وراء البحار، بسبب الحملة العالمية انذاك ضد التوسع النازي وتهديده العالم اجمع.

دانيال كوردييه مقاوم فرنسي، انتسب لحركة المقاومة الفرنسية في العقد الثاني شائت له الظروف بعد سنتين من العشرين ان يكون سكرتيرا خاصا لكبير الثوار الفرنسيين – بل لعراب الثورة الفرنسية – جان مولان لفترة سنة تقريبا انبرى خلالها لكتابة مذكراته ولم يخطر بباله حينها ان هذه المذكرات ستكون منطلقا لتأريخ حقبة من اهم حقبات التاريخ الفرنسي الحديث بل لتاريخ اوروبا اذا ما اخذنا بالاعتبار الفترة الطويلة نسبيا التي قضاها مع راعية الثورة والثوار الفرنسيين لندن.

وهنا لا بد من الاشارة الى نوعا من الشوفانية والانا المتملكة في نفس هذا المقاوم الذي قارب الان العقد التاسع، فعلى رغم تناول الكتاب منارة المقاومين الا انه عنون كتابه باسمه الحركي" "آلياس كاركلا: مذكرات 1940 ـ 1943"

وليس خفيا على احد انك حين تتكلم وتكتب عن مقاوم بوزن جان مولان فانك ستسقطب الطبقات المجتمعية بكافة اشكالها، فمولان هو البطل الأول أو البطل المطلق لجميع حركات المقاومة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية. انه "ريكس الكبير" وهو اللقب الذي لازمه طوال حياته النضالية إلى جانب ألقاب كثيرة، وتلك النضالات التي توصل مولان من خلالها إلى أن يوحّد في حدود السنة ونصف السنة كل الحركات المتشعبة في البلاد لتصب جميعها تحت لواء موحد وهو "المقاومة الفرنسية" انتهت ذات يوم مع توقيفه في منطقة كالوير في 21 حزيران من العام 1943، ومات اثر التعذيب الهائل الذي تعرض له وكان يبلغ يومذاك 44 عاماً.

أما الكتاب الحدث اليوم في باريس فهو "آلياس كاركلا: مذكرات 1940 ـ 1943": للمؤلف دانيال كوردييه، صدر عن "منشورات غاليمار" ويحمل في طياته صفحات جديدة وغير معروفة من حياة الشاب المناضل، وصحيح ان كوردييه أصدر حتى اليوم ثلاثة كتب عن مولان عن "دار لايتس" وكان ذلك بين عامي 1989 و1993، حاول فيها تأريخ كل المرحلة، غير انه في مذكراته الجديدة يكشف النقاب عن وثائق غير معروفة وغير منشورة عن حياة وأعمال جان مولان خلال المقاومة.

والسؤال هنا من هو آلياس كاركلا؟ إنه أيضاً وبكل بساطة لقب دانيال كوردييه الذي انخرط في صفوف المقاومة وهو في العشرين، ثم انتقل إلى لندن عام 1940 ليعود بعد عامين إلى فرنسا فتجمعه الصدفة مع مولان ليختاره هذا الاخير سكرتيراً له. وكوردييه يروي في مذكراته كيف ان تعامله مع هذا المناضل غيّره تلقائياً وجعل شخصيته تتطور وتتبلور. اليوم يبلغ كوردييه 88 عاماً وهو بعد أن كرّس الآلاف من الصفحات لكتابة التاريخ الخاص بتلك المرحلة التي عايشها، ينتقل اليوم إلى المذكرات ليدوّن ما لا يستطيع التاريخ أن يقوله: والمذكرات الحميمة دقيقة ومؤثرة ولا تثير مشاعر الملل عند القارئ على الاطلاق.

فهو يسرد وحسب وصف الكاتبة كوليت مرشليان بلغة جميلة وبأسلوب تشويقي يوميات "شاب بورجوازي، متأثر بموراس، تحرّضه مسائل وأفكار كثيرة منها معاداته للسامية وإيمانه بخدمة فرنسا حرّة..." إنها مواصفات كوردييه العشرين الذي أرسل لخدمة جورج بيدو فجمعته الصدفة بمولان: كنت أجهل أن هذا اللقاء سيغير كل مجرى حياتي..".

صورة جان مولان أو الرمز الذي أطلقه عبر مقاومة شرّعه الجنرال دوغول حين أمر بنقل رفاته إلى "البانتيون" عام 1964، أي انه وضعه إلى جانب أبطال بلاده، وكانت يومها كلمة تأبينية هائلة للأديب اندريه مالرو.

ومنذ ذلك الحين، وتمر من وقت إلى آخر بعض التفاصيل الجديدة عن حياة جان مولان وكان أبرزها بعض الكتب وفيلم وثائقي وآخر تلفزيوني إلى جانب تكريمه عبر إطلاق اسمه على شوارع عديدة في فرنسا (اسمه وألقابه) كذلك على بعض المدارس والجامعات.

قد يكون البطل الاسطوري جان مولان اسطورة فرنسية محلية لم تخرج أو تتشعب كثيراً خارج البلاد على غرار أبطال الثورات والنضالات في العالم، غير ان الصورة التي يرسمها كوردييه تعطيه حقه وتضيء على مساره الذي تميز بتضحيات هائلة.

ويسرد كوردييه الفصل الأخير من حياة مولان بجمالية كبيرة: كيفية توقيفه في كاليوار، في ضاحية مدينة ليون خلال اجتماع سرّي كان من المفترض أن يتم خلاله تعيين بديل عن الجنرال دليتران المسؤول في الجيش السري الذي كان قد تم توقيفه. فكان ان علم قائد الغستابو كلاوس باربي في المنطقة ان ثمة مسؤولاً يمثل الجنرال دوغول في الاجتماع من دون أن يعلم تفاصيل هويته. ولكن حين تم توقيفه واكتشف انه جان مولان تعرض هذا الاخير للتعذيب بشكل فظيع لمدة أيام طويلة على أمل أن يعترف بأسرار المقاومة، لكنه ظل صامتاً حتى الرمق الأخير، ومات على الأرجح في بدايات تموز 1943 خلال عملية نقله إلى المانيا. ويوم اعلان تحرر فرنسا، كتب القائد جورج بيدو عنه: "مولان، لقد زرعت الحبة ولكن، للأسف، لم تكن هنا يوم الحصاد".

كل هذه التفاصيل من حياة "ريكس الكبير" والتي ذكرها كوردييه من قبل في كتبه السابقة عنه، لا يعود إليها هنا من وجهة نظر تاريخية بل يحاول أن يصف كل ما كان من حولها، ما قبلها، أو ما بعدها، وتأثير كل حدث على مولان في اللحظة. فالقارئ مدعو هنا "للعيش" قليلاً إلى جانب بطله "ريكس الكبير" ليتأمل لحظات قوته وضعفه، حزنه وفرحه، نضاله وحماسته.. كل ما يمكن أن ينقله دانيال كوردييه من تلك الأيام التي عاشها إلى جانب مولان، يكتبه بإحساس كبير وفائض بالاعجاب بذاك البطل القومي والوطني الذي كرّمه كبار بكلمات لا تُنسى وكان أجملها كلمة الأديب اندريه مالرو، يوم نقل رفات "ريكس" الشهيد إلى "البانتيون" حين توجّه إلى شباب بلاده قائلاً: "أيها الشباب، هل تفكرون بهذا الرجل حين وضعتم أيديكم من حول وجهه المشوّه من اليوم الأخير، ومن حول شفتيه التي لم تنطق بكلمة. في ذاك اليوم، كان وجهه وجه فرنسا".

مقتطفات من كتاب مذكرات كوردييه

(...) هذه هي يومياتي كاملة خلال ثلاث سنوات من حياتي المميزة التي بدأت بالنسبة لي في 17 حزيران 1940 حين رفضت خطاب بيتان وأبحرت إلى بايون على متن ليوبولد11. كنت آنذاك أبلغ تسعة عشر عاماً، بعد سنتين من الإعداد في انكلترا في صفوف القوات الفرنسية الحرة التابعة للجنرال ديغول، أنزلت بالمظلة العسكرية في مونلوسون في 25 تموز 1942. كان مصيري مرسوماً بأن أكون بمثابة الراديو الخاص لجورج بيدو، إلا أن جان مولان اختارني لأصير سكرتيره الخاص. عملت معه حتى تاريخ توقيفه وكان ذلك في 21 حزيران 1943. هذه السنوات أسردها تماماً كما عشتها، في جهلي التام بمصيري في اليوم القادم وفي وحدة وعزلة المنفى. لذا اخترت شكل "المذكرات" التي تجبرنا على تمرير الوقت وعلى تمضيته في البحث في الذكريات. فالمحادثات التي أنقلها تبدو بعفويتها وكأنها حوارات حية. كيف نفكر بعد مرور السنوات؟ فلقد انتقدت بشدة كل مذكرات الآخرين لأجد نفسي أخيراً مخدوعاً بما عملت على تأكيده: حيث تنتهي الوثائق، تبدأ صور الماضي المسكون بمفاصل غير أكيدة. ولكن إذا كانت هذه هي طبيعة الشهادات بأن تكون محدودة، فلا شيء يشبه هذا الاسترجاع للماضي الذي يولد لدينا من جديد كل مشاعر الشغف التي غابت. خصصت الكثير من وقتي ومن عنايتي لأرصد الحقيقة، لأنها وحدها الحقيقة تعطي القيمة والمعنى لمشروع مماثل، وكل ذلك لاتذكر مسار ذاك الشاب الفتي المتطرف في سياسته اليمينية الذي كنته، والذي، تحت وطأة الظروف، وجد نفسه يتحول إلى صفوف اليسار. أحياناً تكون الحقيقة مؤلمة وهائلة(..)

جان مولان، المعلم

الخميس 30 تموز 1942

كان الوقت ليلاً حين غادرنا المطعم. "الرون" في نهاية الشارع. سلكنا طريق السكك الحديد باتجاه محطة "بيراش". وعند مستوى ساحة بيلكور، اتجهنا ناحية شارع معتم في موازاة السكة. عندها توقف أمام مدخل أحد المباني، غير بعيد عنّا: "أنظروا جيداً إلى اسم الشارع ورقم المبنى. أسكن في الطابق الأول، عند السيدة مارتن، تعالوا إلى هنا في الغد، عند الساعة السابعة، وستبقى معي: ستكون سكرتيري الخاص. عمْتَ مساء".

بعد حملة فيل ديف..

الثلاثاء، الأول من أيلول 1942:

هذا المساء، رايكس صامت ويفكر. أعرف بأنه يفكر في اليهود. وبعد وقت قصير وكأنه يقصده بكلامه الجلادين، صرخ قائلاً: "يا لهم من جبناء!" وكانت المرة الاولى التي أسمعه فيها يتلفظ بكلمة نابية. وحين لم أعرف بما أردّ عليه، تابع قائلاً: ستعثر على الرسائل الرعوية في البريد القادم، يجب أن نفعل أي شيء لننشر الحقائق حول هذه الجرائم. علينا أن نعثر على الصيغة الأساسية لنعرف كيف نوقظ الرأي العام وننقذ هؤلاء التعساء من مصيرهم. للأسف، ماذا يمكننا ان نفعل؟ في مناسبة كهذه تظهر معالم الضعف في صفوف المقاومة لدينا".

بيكاسو ودورامار

الاثنين 10 أيار 1943:

بعد أن جلسنا على طاولة قريبة من باب المدخل وبعد ان طلبنا العشاء، دخل رجل عجوز ـ وهمس لي كان باسمه في اذني: بيكاسو. فتحت عيني بقوة وبدهشة امام هذا الرجل الذي لا يوحي مظهره بشيء والذي عرفت اسمه بفضل ريكس.

كان قصير القامة، ذكي وحذق في نظرته. وكان يرتدي مثل أي بورجوازي لا يتقن تماماً فن الأزياء، وكان قد أوثق رباط كلبه بجاكيته، والكلب وهو من نوع السلاقي ووبره طويل، وكان يمشي خلفه. وكانت ترافقه امرأة، أعلمني بعدها كان انها صديقته دورا مار. كانت هذه المرأة تمتلك نظرة ثابتة وملامح جامدة وكأنها ملامح امرأة تتعرض للمعاكسة أو المحاربة. وشفتاها الباهتتان والزهريتان تؤكدان غرابة وجهها أكثر فأكثر.

جلسا في عمق الصالة حيث كان بعض الاصدقاء ينتظرانهما. وقد عرف منهم كان جان كوكتو وميشال ليريسي: "انه يحدد كل مواعيده هنا لأنه يملك محترفاً كبيراً هنا في آخر الشارع، قرب سكك الحديد".

بعد كالوير

... شعرت بالفضولية لأعرف مَن أمامي، فسألت صديقي:

"من هي هذه المرأة؟

ـ إنها شقيقة جان.

ولكن من هو جان؟".

ولدى استغرابه الكبير من سؤالي، توقف مونييه ونظر إلي قائلاً: "ألا تعرف، انه معلمك، جان مولان". عندها، اكتشفت بأسلوب لم أنتظره أبداً، اسم الرجل الذي اعتقدت انه مشهور. كنت قد تخيلته في أعلى المناصب السياسية، أو الديبلوماسية أو الرسم مثلاً. أما جواب مونييه فقد حدد وضعه: كان رجلاً مجهولاً. وكانت خيبتي على مستوى أملي، هائلة.

للحديث تتمة...الخنازير


وكانه لا يكفي ما تتعرض له شعوب الارض من مصائب وويلات وحروب ونزاعات حدودية، وازمات مالية وفقر وبؤس، حتى والت في السنوات الماضية الاوبئة والامراض بدءا بالبقر المجنون مرورا بالطيور المريضة وصولا الى الخنازير الموبوئة।


قد يخيل لمن يراقب هذه الامور ان الطبيعة تنتقم من الانسان بطريقتها الخاصة عبر نشر الاوبئة من خلال متطلباته اليومية، انتقاما منه على الاذى الذي يلحقه بها من كل حدب وصوب وبكل طريقة ممكنة।


الان وقد وقع المحظور وانتشرت انفلونزة الخنازير في معظم اوروبا واميركا بات لزاما علينا نحن في المنطقة العربية والتي تكاد تخلو من مزارع لتربية هذه الحيوانات اتخاذ التدابير االحترازية لمنع تسرب هذا المرض – الوباء الينا।


وهنا لا بد من الاشارة الى طرق الوقاية المتوفرة هي عبر البوابات الاساسية من معابر برية ومطارات ومرافئ لمراقبة كل الوافدين الجدد والسياح، ومن كل البلدان دون استثناء اذ ان الانفلونزا يمكنها الانتقال عبر الهواء من شخص مصاب الى الاخرين ।


وفي ظل الازمة المالية الحالية فان التبعات ستكون كارثية من خلال التكاليف الباهظة لشراء الادوية والامصال تحسبا للانتشار المفاجئ للمرض بالاضافة الى تكاليف انشاء غرف الحجر الصحي في كل المعابر التي سبق ذكرها، وبالطبع فان حالة المراقبة الدائمة الشبيهة بحالات الطوارئ ستؤثر سلبا على حركة السياحة خلال هذا الصيف، علما ان العديد من البلدان العربية يعول عليها الكثير للتعويض عن تبعات الازمة العالمية।


انتشار المرض سيكون كارثيا، والتساهل مع الاجراءات المضادة سيكون كارثيا اكثر نظرا للسرعة التي ينتشر بها، لهذا فان النفقات الاضافية الطارئة على ميزانية الدول العربية لن تكون ضارة بل ضرورية واساسية، ولا ننسى المثل القائل: درهم وقاية خير من قنطار علاج... وللحديث تتمة .

للحديث تتمة...الاربعة


تسمر اللبنانيون امام شاشات التلفزة وارتفعت الرهانات بينهم حول ما ستقرره المحكمة الدولية بشان الضباط الاربعة الموقوفين في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، ومع اعلان الافراج عنهم عم الفرح عند فئة والهم والغم عند فئة اخرى، الا ان الموقف اللافت كان للنائب سعد الحريري الذي اذعن للقرار الدولي في موقف يحسب له ।


ولم يلبث القرار ان يرى النور حتى انبرى اصحاب التحليلات السياسية بارائهم، فمنهم من راى ان هذا هو القرار الصائب واخرين اصروا ان وراء الامر صفقة سياسية – انتخابية موجهين الاتهامات للنائب الحريري والتيار الذي يمثله।


ايا كانت الحقيقة فنحن امام واقع جديد الا وهو ان ان كلا من فريقي المعارضة والموالات اتفقا ولاول مرة منذ زمن على امر او فكرة واحدة وهي شرعية المحكمة وقراراتها وهو ما يجيب ان يتم استغلاله سياسيا للخروج من الدوامة السياسية التي لن تحصد الا وجع المواطن العادي الذي لا حول له ولا قوة।


الا ان تساؤلات كثيرة تطرح – وباب نقل الخبر ليس الا – ماذا سيكون مستقبل الضباط الاربعة الان، واتكلم عن الناحية النفسية والاجتماعية والوظيفية، فقد تم ايقافهم على خلفية ادلة واتهاملت المحقق ميلس، وفقدوا وظائهم ومناصبهم والتي تعتبر الاعلى في السلم الوظيفي لكل منهم، ما الذي سيعوض عليهم ؟ ।


كما اني ساطرح تساؤلا محير حتى لاعتى المحللين، الا وهو ما موقع سوريا الان بعد ان تم ربطها بالقضية من خلال الاربعة المفرج عنهم؟، الم توجه لها اصابع الاتهام من خلالهم؟ والان ماذا؟


منذ اربع سنوات وكسور من الاشهر كان لي مقالا تحدثت فيه عن الدور السوري في عملية الاغتيال ووقتها قلت وكتبت ان لا مصلحة لسوريا اطلاقا بهذه العملية، لا على الصعيد النظري ولا التطبيقي ولا ضمن المحور الاقليمي والدولي، ووقتها واجهت – وكنت وقتها لا زلت في بلاد الارز- والان اكرر السؤال، ما دام الاربعة احرارا، فمن هو المسؤول؟ اليست اسرائيل وادواتها التي تلف العالم حتى في لبنان؟ خصوصا بعد الكشف عن الشبكات العميلة لها مؤخرا، وعلى راسهم عميد متقاعد في القوى الامنية اللبنانية... سؤال سيبقى برسم المحكمة الدولية و... التاريخ ... وللحديث تتمة .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية

Powered By Blogger

المتابعون